قبل حوالي عشرة سنوات كنت في دمشق أغزدر في السوق عندما وقع نظري على رجل ستيني جالسا على الرصيف ومحاطاً من الجهات الأربعة وظهره وقدميه بالصور كان مُطحِشاً أكبر عدد ممكن من الصور عارضاً اياها للبيع بأسعارمختلفة
بادرته بالسؤال "عندك صورة مارادونا"
اجابني "لاء عمو ما عندي"
رغم خيبة املي بدأت بالبعبشة بين صوره المختلفة لعلي أجد صورةً لبطلٍ قومي كباتيستوتا أو حميد الشاعري فلم أجد, لكنني وجدت كثيراً من صور بشار الاسد, لم تكن أي منها شبيهة بالأُخرى, كان متصوراً في كل واحدة بوضع مختلف وكأنه عارضة ازياء لفكطوريا سيكرت
سألت البائع مرة اخرى "بكم صورة بشار الأسد"
نظر البائع الي بشك ثم وقف على قدميه العتيقتين ببعض الصعوبة وأعتقد أنني سمعت صوت غضاريف ركبتيه وهي تطرقع بين عظامه الهشة و رد علي بصرامة " أصدك سيادة الرئيس, حضرة سيادة الرئيس بشار الأسد"
نسيت كم كان سعر الصورة,لكني شعرت اني قد وضعت الرجل في موقف صعب قليلا وأنّه سيكون من الزوق شراء الصورة منه, ثم فكرت ان حرس الحدود الاردني راح يقرقعني إذا شافوني راجع عالأردن من سوريا محمل معي صور بشار الأسد
بعدين قلت بجيب الصورة وبكبها بالشام قبل ما ارجع عالاردن, بس يا حبيبي إذا شافني حدا بالشام وانا بكُب صورة بشار الأسد باكل هوا
فقلتله شكراً عمي خلص شكراً وانقلعت عالبقداش ألهمط بوظة
واليوم بعد عشر سنوات لم أجد شيئاً يسعدني أكثر من رؤية السوريين وهم يطالبون ببعض الحرية, بعض الكرامة, بعض المنطق في حياتهم اليومية, وأكثر ما أسعدني هو رؤيتهم يحرقون صورة بشار الأسد
عفوا.... يحرقون صورة حضرة سيادة الرئيس بشار الأسد