يبدو أن الناس بشكل عام تتفادى الخوض في موضوع أردني فلسطيني رغم أنها تتعرض لمواقف محزنة و مغيظة تجعلها تشعر بالقرف والتفرقة و تزيد من نار العنصرية التي بصراحة أراها تتحسن
أحياناُ أحب أن أتوهم أن العنصرية في تلاشي وأنه مع مرور جيل أو جيلين سوف تختفي، لكن من الواضح أن هناك الكثير من الحقد الدفين والكراهية التي تصل إلى حد التعصب الاعمى وأتذكر أني لما خضت بموضوع أيلول الاسود سمعت الكثيرين ، غالبا عن رغبة في تفادي فتح صفحات تاريخنا الاسود، سمعتهم يطلبون مني السكوت ونسيان الماضي وكأن ما حصل لا صلة له بنا
يجب أن نكون واقعيين و منطقببن بعض الشيء عند مناقشة الامور. فمجرد كونك أردنيا من أصل أردني لا يعطيك أي أفضلية على أي أردني من أصل فلسطيني. أنتو الجوز عايشين بالاردن وعليكم حقوق وواجبات مثل بعض
.الفلسطيني كثيرا ما يعامل كمواطن من الدرجة العاشرة واللي مش مصدق ينزله عمخفر شرطة أو دائرة جوازات وراح يكتشف أن اسم العائلة كثيراُ ما يكون اهم من الشكوى المقدمة او المخالفة المرتكبة
لو تم إجراء دراسة موضوعية لاكتشفنا ان الفلسطيني عرضة اكثر لاكل الكفوف في المخافر والشلاليط في الزنازن ومخالفات السير التي بلا طعم ، ولا أعتقد أن أي أردني من أصل فلسطيني لم يتعرض للموقف المعتاد الذي يتم فيه إشعاره بأنه ضيف ثقيل الدم غير مرغوب وكأنه هو السبب فيما يواجهه الاردن من مشاكل، يعني باختصار حتى الفلسطيني المولود في الأردن والذي يعتبر نفسه ابن البلد ولا يعرف وطنا كما يعرف الاردن بيجي واحد بسأله من وين الأخ ويس يقله يافا و لا نابلس بصير يتطلع عليه وكأنه من كوكب آخر وليس كأنه مواطن مثله مثلك ونحنا كلا معروفين أنه راسمالها موقف واحد سمج مثل هيك يكفي لايقاد مشاعر العنصرية والتفرقة التي مرت و أخالها ستمر عبر عدة أجيال لاحقة
الأردن مرت عليه حضارات قديمة جداً لكنه لم يتأسس بالشكل الذي هو عليه الآن إلا عام ستة وأربعين أو قبل ذلك بقليل. نعم الأردنيون أصلهم عشائري والعشائر يعود تاريخها لمئات بل آلاف السنين لكن الأردن اليوم هو وطن وليس مجرد تجمع للعشائر ومنذ بداية تاريخ هذا الوطن بدأ الفلسطنيون يهاجرون إليه رغما عنهم بعد حلول المصيبة تلو الاخرى وهكذا أصبح الاردن مزيج بين شعبين أصلهم واحد فرقت بينهم حدود رسمت على ورق
وللأسف نرى بعض المواطنين الكثير منهم شباب موبؤون بالعنصرية فنرى بعض الأردنيين يخونون الفلسطيني إذا ما اشتكى من الحكومة أو البطالة أو رفع الاسعار والاقساط وكأننا واجبنا الوطني هو دعم الحكومة بغض النظر عما تفعله، وإذا ما اشتكى الفلسطيني من أي شيء في البلد فقد أصبح هو عنصرياُ حاقداً غيوراً ... وبعد كل ذلك نتوقع من الفلسطيني أن يشعر بأقصى درجات الوطنية... وهاذي شوي صعبة خاصة بعد أن هُتف لشارون في عَمان كما لم يهتف له في تل أبيب و شُتم محمد الدرة بعد جنازته بأيام وحتى العائلة المالكة التي لا يسترجي أحد بالتخنفس عنها أعطى بعض الأردنيين الحق لأنفسهم بالتعرض لجلالة الملكة فقط بسبب أصلها رغم أن تمثل الأردن بصورة متميزة في العالم
و ما يدعو للأسف أيضا رؤية البعض من الأردنيين من أصل فلسطيني ممن لجؤوا إلى الأردن او ولدوا فيه يرفضون اي صلة تربطهم بالاردن وكانهم يشعرون بالإهانة إذا ما نوديوا بالاردنيين وإذا ما خرجوا خارج الوطن ينتهزون أية فرصة للطعن في الأردن كدولة وشعب وكيان لكنهم في الوقت ذاته يطالبون بأن يُعاملوا كأردنيين داخل الأردن. ولا يبخل البعض في اتهام الأردن كلها ببيع القضية وإعطاء فلسطين هدية لليهود ناسين الدم الأردني والمسيرات والاعتقالات واساور الذهب التي يجب ان يفتخر بها أي أردني بأنها ذهبت فداء لفلسطين، أو أنه يصعب لأي فلسطيني أن يجد وطنا عربيا يعامله كمواطن كالاردن او يشعر فيه بأنه ابن البلد كالأردن
عيش و خلي الناس تعيش والأردني الصحيح ليس من يبح صوته في الصراخ الأردن أولاً أو يتباهى بابتلاع أكبر لقمة منسف في التاريخ بل من ضحى من أجل الأردن وعلم أولاده أن الأردن أهم من اسم العشيرة أو رصيد البنك وأن الفرق بين الأردن وفلسطين لا يزيد عن نجمة سباعية على العلم ظلمناها كثيرا واتهمناها بتهم مزيفة لا أساس لها من الصحة
حريقة