بين السماء والارض

الزمان: ٢٠٠٣

المكان: السماء

الاحداث: يجلس حريقة مرتخيا داخل طائرة ايير فرانس المتجهة من باريس الى عمان

ينظر بجانبه واذ به يكتشف للمرة الاولى انه جالس بجانب مخرج الطوارئ.... وهذا يفسر المساحة الاضافية بجانب الكرسي

كانت الطائرة ممتلئة بالمسافرين وكانت تبدو عليهم ملامح عربية

اغمض حريقة محاولا النوم واستيقظ مفزوعا على رائحة غريبة

احس بجسم غريب يداعب ساعده الايسر فحاول القفز من مقعده قبل ان يثبته حزام السلامة المربوط بثبات حول كرشه المتراخي

نظر الى الجسم المجهول ذي الرائحة العفنة ووجد قدما مغطاة بجارب ابيض مثقوب في ثلاثة اماكن على الاقل واصبع قدم سكنته الفطريات ينسل بثقة من الثقب

تتبع الاصبع الى اعلى حتى قاده الى امراة في الخمسين تجلس خلفه

نظرت اليه وابتسمت قائلة ..... معلش مانا تعبانة بدي ارخي اجري

"بسيطة"

" بسير تبدل محل معي، كتير بحب ائعد جنب الاميرجنسي اكزيت"
اجاب حريقة " بسير بس ديري بالك ازا صار اميرجنسي بصير انت اللي لازم تفتحي الباب مش انا" وتوقع ولو ابتسامة على افضل دبشة ممكن ان يخرج بها في ظرف كهذا .. لكن الامراة صرخت بوجهه بصوت مفزع "اييه فال الله و لا فالك

فك حريقة الحزام وانقلع الى الكرسي الاخر وبدا مرحلة حشي قفاه العملاقة بين حدود الكرسي الضيق

كانت تجلس بجانبه امراة اخرى اصغر قليلا ، و بادرته بالسؤال" شو اسمك

-"فارس"

-"لاء انا ائصدي من انوو عيلة"

- "مسنات"

-" يعني انتو مسيحية"

-"اه"

-"والنعم، انا بحب المسيحية"

-"شكرا اانتي"

-" انت عايش بفرنسا حبيبي"

-" لا والله اانتي جاي من اميركا، ترانزيت فرنسا"

-" وشو بتسوي باميركا؟؟"
و شرح حريقة قصة حياته وانه يقوم بعمل مقابلات للتخصص في اميركا قبل ان يمر لزيارة اخته المتزوجة حديثا في شيكاغو

-" اختك اتجوزت يعني، كم عمرها؟" -" ثلاثين"

-"واااال و ليش بس لهلا لتجوزت؟"

-" نصيب يا انتي نصيب"

-" و جوزها زمان عايش باميركا؟"

-" صارلو ابو خمصتعشر سنة"

-" ايه و ما كان متجوز قبل"
اجاب حريقة ببعض من الضيق "لاء"

-" معئووولة، صارلو خمصتعشر سنة باميركا و ما حنت نفسه عصبية"

-" لاء اانتي الجماعة بنعرفهم منيح والشب محترم ما الو عا هالشغلات"

-" طب يعني اختك مبسوطة معو هلا؟"

-" والله ما سالتها، حتى انا اخوها ما سالتها، بس شكلها مبسوطة"

وظهر ان السيدة تضايقت بعض الشيء من الجواب ، فغيرت الموضوع

-" طب انت حبيبي وين بتشتغل؟"

- "مركز الحسين للسرطان"

-" اييييييييه كل ما اسمع هاكلمة باشعر بدني، يعني انت هلا دكتووور مو؟"

-" اه دكتور"

-" بس انت كتير مليان لازم تعمل شوية رياضة ابني وائل كان كتير ناصح زيك اشترك بالجيم صارو ماشالله كسماتو بجننو"

-" نيالو"

-"كم معاشك؟"

-" خمسميت ليرة"

-" مسكين هدول ما بعيشو حدا هاليومين، طب راح تعيش باميركا "

-" اه عبين ما اكمل التخصص بعدين برجع"
-" ايييه دير بالك في كتير بنات بالبلد ما بتجوزو شباب عاشو باميركا وبيني و بينك مستحيل اجوز بنتي لشب عاش باميركا انشاله ست تشهر، ابصر شو بكون عامل هناك

عندها لم يستطع حريقة الاستمرار بالمجاملة فاستاذن و ذهب الى الحمام وافرغ الحمولة

وعندما عاد احس انه في طائرة اخرى، فالسيدتان اللتان كانتا تجلسان بجانبه وامامه اختفتا

نظر حوله ووجدهما تجلسان بجنب بعضهما البعض في كرسي مختلف تماما ومشي قليلا ليعود الى كرسيه فوجد رجل وزوجته جالسان مكانه و عدة وجوه جديدة تجلس حولهما

،

و قبل ان يفهم كيف تمت التبديلات بتلك السرعة القياسية وجد رجلا متقدما في العمر يلوح له من بعيد

" ولك انت مسنات، ابن مين؟؟ لتكون ابن موشيل -يقصد عمي ميشيل-"

ويبدو انه كان قد انهى للتو دردشة مع تلك السيدة

اجبته..... -لاء انا ابن اخوه

- والله يا هلا حبيبي تعال اقعد، انا بعرف عمك من ثلاثين سنة"

جلست مع الرجل وكان جميلا ان اعرف انني اذا ما كنت مسافرا على طائرة غريبة قادمة من بلد غريب فهناك على الاقل من يعرفني ويود السووولافة معي وهناك من يود ان يتعرف اكثر حتى لو كانت باسئلة تجاوزت كل الحدود الشخصية، وقد تكون هذه العلاقات هي ما تجعل الطائرات العائدة الى عمان ممتلئة على مدار العام

حريقة