على ابواب اميركا

المكان: مطار فيلادلفيا بالولايات المتحدة

الزمان: عام الفين وثلاثة

وصل حريقة و صديقه للتو الى اميركا ووقفا على الطابور وهما يعبئان استبيان الدخول الى الولايات المتحدة

بادره صديقه بالسؤال .."اسمع مان...عم بسالوني هون اذا جايب معي اكل شو احكيلهم؟؟

اجابه حريقة " ولك مش قبل ما نطلع من الطيارة قلتلك تدحش الفستق تحت الكرسي بدون ما حدا يشوفك؟؟

اجابه .."اه دحشته بس عم بسالك عن الجميد"

فقال له حريقة باستهجان "يا زلمة جايين اسبوع عاميركا لازم تجيب معك جميد يعني"

هنا ثارت اعصاب صديقه الذي صرخ بصوت مسموع "انا عارف عن عمي شوقي باعتلي جميد عشان ابعته لعمتي عبلة بهيوصطن"..ثم اخذ نفسا عميقا وصرخ..."مفكرلي اميركا مثل مادبا"

اضطر صديقه للتوقف عن الصراخ لانه لاحظ ان رجلي امن امريكيين وقفا يحدقان به وهما في حالة تاهب حتى ان احدهما بدا وكانه يتحسس مسدسه المثبت باحكام بجانب قفاه الممتلئة

ثم عاد صديقه ليسال "شو احكيلهم اذا سالوني عن الجميد.... شو جميد بالانغليزي؟؟"
"احكيلهم لبن....يوغرت"
"وشو بنعمل باللبن؟"
"بنعمل منسف.....اكبلوسف"
"طب اخرس مش وقت المزح هلا، اذا بحكي اكبلوسف قدامهم والله ليرجعوني عالاردن"

وصل حريقة الى الشباك فساله المسؤول عدة اسئلة ثم اشار له بالذهاب الى غرفة جانبية

دخل الغرفة التي كانت مكتظة بالناس من مختلف الاشكال، اخذ يبحث عن صديقه فلم يجده ، فجلس على احد الكراسي حاملا حقيبته بيده اليمنى وجواز السفر باليسرى

اخذ الرجل الجالس بجانبه يحدق في جواز السفر ثم نظر الى حريقة بتمعن وكانه يشاهد مخلوقا عجيبا قبل ان يبادره بالسؤال " اردني

عرفتك من الجواز"
فابتسم حريقة واجاب "اه والله اردني انت اردني كمان؟"

"اه حبيبي اردني، كيفك حبيبي؟"--

"حمدلله حبيبي منيح"--

"اول مرة بتيجي عاميركا حبيبي؟"--

"لاء اجيت قبل سنتين"--

"قبل ناين اليفين حبيبي ولا بعد؟"

"لاء والله حبيبي قبل، --هاي اول مرة باجي بعد، انت اول مرة بتيجي عاميركا؟"

"اه اول مرة وبصراحة حبيبي كتير ناس خوفوني من السيكيوريتي بالمطار حكولي ممكن يرجعوني عالاردن"

فطمانه حريقة وكانه ضليع في هذا الشان،"لاء لا ترد عليهم بس بدهم يخوفوك، الشغلة كلها سؤالين عالسريع وبتمشي حبيبي"

"الله يطمنك بالخير حبيبي، عدم الموئاخازة شو جاي تسوي باميركا؟"

"جاي اسوي امتحان بفيلادلفيا وانتا؟"

"انا حبيبي صرلي اربع تشهر عم بدور عشغل بالاردن ما لقيت اشي مناسب قلت لهون وبس قدمت لفيزا عاميركا ورفضوني اول مرة رحت سجلت بكلية مجتمع صارلي فيها لهسا ابو سنة وشوي بعدين اخذت ورقة خصوصي للسفارة من الكلية تحكي اني طالب و ضايللي فصلين دراسة فاعطوني فيزا عهاللاساس"

و لم يستطع حريقة التركيز في الحوار لانه تمكن اخيرا من رؤية صديقه واقفا على الشباك الاول وهو يلوح لمسؤول الامن بحركات غريبة بيديه فادرك انه ربما كان يجد صعوبة في شرح طبيعة الجميد

ثم عاد الشاب الى الحديث وكانه يقاطع نفسه "فهلا انا معي فيزا سياحية بدي اروح عند عمي بتكساس"

فساله حريقة، "طب متى راجع يعني؟"

فتفاجا الشاب بالسؤال واجاب"يعني شايفني حمار عشان ارجع؟"

فساله حريقة"طب مهو انت بس معك فيزا سياحية"

فاجاب الشاب ضاحكا "مهاي فيزا سياحية عشان اروح اسيح بتكساس" ثم اطلق قهقهة عالية وفتح فمه كاشفا عن اسنانه الصفراء المنحدرة من سقف فمه كعواميد الكلس المتاكلة الهابطة من سقف المغارات ثم اردف قائلا "اول ما اوصل عمي بدبرلي شغل و وحدة اميركية بتجوزها عشان امشي معاملتي"

اثناء الحديث خرجت فتاة شقراء من غرفة التحقيق وهي تبكي وبدا وكان مسؤولي الامن رفضوا دخولها
ففتح الشاب عينيه وصرخ "اذا هاي ما بدهم يفوتها انا كيف بدهم يفوتوني؟" وفغر فاه الاجوف حتى انبعثت منه الرائحة المميزة لسجائر ريم التي لم تزل رائحتها عابقة على الرغم من طول الرحلة المكوكية من عمان

اجابه حريقة "لا تخافش خلي اعصابك هادية" ثم نظر ناحية الشباك ووجد صديقه للتو قد انهى الاستجواب الاولي ثم دخل الى غرفة

الانتظار وهو منهك فالقى بنفسه على احد الكراسي وهو يشتم الجميد وبعض افراد عائلته

بعد قليل اقترب منهم موظف الامن وامرهم بالذهاب الى الديسك لتعبئة استبيان اخر طويل للغاية
اثناء التعبئة توقف حريقة قليلا فساله الشاب "شو مالك"

--
"يا زلمة مش عارف اكتب اسم جدي من جهة امي ....ميخائيل بالانغليزي و هذول الاميركان بدققو عالحرف
"هسا اسم جدك ميخائيل وخايف! لا تخافش...انا اسم جدي جهاد والله وربك لاتبهدل"

اكمل الجميع تعبئة الاستبيان بدقة و حرص شديد وسط خوف حريقة من الخطا في تهجئة الاسماء فيبدو انه ينتحل هوية مختلفة وترقب الشاب الذي بدا يفكر في شرح معنى جهاد بالانغليزية اما صديقه فقد لف جميداته بكيس اخر لحماية اضافية وكانه قطع مجوهرات ثمينة وبدا تعبئة النموذج بهدوء تام