هل يتحمل الأردن وجود شعبين على أرضه؟

يبدو أن الاردن بدأ تدريجياً ينقسم إلى جزئين، ويبدو أن الشعب الواحد بدأ يتحول إلى شعبين

.
كل شعب له أرضه وأهدافه و طموحاته وحتى لغته الخاصة

أنا لا أتحدث عن الأردني والفلسطيني
ولا أتحدث عن الاردنيين والعراقيين

أنا أتحدث عن شعب نسبته في الأردن قليلة لكنه يملكه كله بشوارعه وأنفاقه وأراضيه وبناياته وقريباً جدا سيملك أبنائه وبناته

وشعب آخر كان في يوم من الأيام سعيداً بحياته المتواضعة فخوراً بانتمائه لوطنه وراضياً بما كتب عليه الزمن لكنه بدأ يفيق على نفسه ووجد أن القليل جداً من أبناء وطنهم قد طاروا إلى المقدمة وتركوهم يلهثون في الخلف

ورغم أن الهوة بين الغني والفقير يدأت بالاتساع والطبقة المتوسطة بدأت تنصهر بتسارع رهيب إلا أن هذا لا يمثل المشكلة الرئيسة المشكلة أن الغني بدأ ينسى أو يتناسى أن الفقير إنسان حي بدأ ينسى أنه أردني مثله وأن عليه حقاً عليه كمواطن بدعمه

أيام زمان كان من الصعب أن تعرف الغني من الفقير فكلاهما يلبس نفس الملابس وكلاهما يتحدث نفس اللغة وكلاهما يأكل من طبق واحد وحتى إذا ما عُرف الغني فنادراً ما كنت ترى حاقداً أو حاسداً لأن الغني كان يستحق نقوده

المشكلة في الأردن ليست وجود الغني والفقير بل المشكلة أن الاردني الغني نسي أن هناك أردني فقير

نسي أن معظم الأردنيين يعيشون خارج عمان وفقد كل أحساس بالمسؤولية تجاههم هناك منازل في الاردن لا تصلها المياه والكهرباء إلا بواسطة وهناك مدارس لا يوجد فيها معلمي توجيهي وهناك آلاف من الطلاب لا يملكون ما يكفيهم شراء حقيبة جديدة أو كتاب أو حتى قلم

مش عم بتخوت

هناك طلاب في الاردن لا يملكون ما يكفي شراء قلم

هناك طلاب في الجامعة يتحسبون من رفع أجرة السرفيس أو الباص قرشاً واحد

هناك الكثير من المبدعين الذين رغم كل تلك الظروف تفوقوا على أنفسهم وأبدعوا في التوجيهي لكنهم عادوا إلى حلب الأبقار لأنهم لا يملكون ما يكفي سد أقساط فصل واحد من الجامعة في ظل غياب شيه تام عن رعاية الطلاب المتفوقين

الأردني الغني أصبح له عالمه وأرقامه وأناسه وأصبحت كل رحلة له خارج دولته الزمردية مغامرة محفوفة بالمخاطر يلاقى فيها شعباً أردنياً مختلفاً عنه متخلفاً فوضوياً بتعريفه مُجرد من الحضارة العمانية الصارخة التي يتفاخر بها أصدقائه النرجسيين

الفقيرليس أعمى فهو براقب كل هذا بحسرة لكن حسرته تتحول إلى غضب والأردني الفقير غضب كثيراً في الماضي ومن كنا نعتبرهم أكثر الناس إخلاصاً للوطن ثاروا قبل ذلك لأن التاريخ علمنا أن حتى أكثر الناس وطنية غالبا ما يفضلون مصلحتهم الشخصية على مصلحة الوطن رغم الشعارات الرنانة بعكس ذلك

الكثير من الامبراطوريات العملاقة خنعت عل ركبيتها والكثير من الحضارات العظيمة والدول الجبارة انهارت واختفت من على الخارطة والأردن دولة صغيرة بسيطة لا يتحمل وجود شعبين يتلك المشاعر المتعادية وأتمنى أن نتعلم ونتصرف قبل أن نندم